وادي سوف تشتمل منطقة سوف علي الكثير من المداشر والقرى المنتشرة هنا وهناك وقد تقدم داخل الكتاب جل أسمائها وقاعدتها مدينة الوادي المعبر عنها بمدينة ألف قبة والواقعة مسافة مائتين وعشرين كيلومتر جنوبا من مدينة بسكرة
اشتهر أهل منطقة سوف بالحيوية والذكاء في الميدان العلمي والاقتصادي وبميل كبير للعلماء والمصلحين كما اشتهروا بالتدين والأخلاق الفاضلة
كانت نسبة الثقافة العربية عندهم مرتفعة جدا و لا فرق في ذلك بين رجالهم ونسائهم كما كان الطابع العربي واضحا في لون تفكيرهم وتقاليدهم بارزا في عوائد هم وسلوكهم يجلون الكرم والوفاء بالعهد والأمانة غيورون علي لغتهم ودينهم ووطنهم غيرة نابعة عن نفس طاهرة خالصة لله والوطن
وكانت لغة التخاطب عندهم اقرب ما تكون من لغة أهل الجزيرة العربية اذ يحس السامع في لهجتهم وأسلوب خطابهم أسلوبا قرآنيا ا يجاز في اللفظ وسمو في المعني ونبرات رنانة ذات ا يقاع موسيقي جميل وصدق في التعبير عن مكونات قلب الطاهر ونفس صافية ينشدان الخير والحق والجمال
ومن المعروف أيضا عن أهل سوف تعطشهم للعلم والتعلم وتحمسهم للمبادئ الاسلامية والحركات الوطنية فلم تخل منطقتهم عبر تاريخها المديد من العلماء وفقهاء ومصلحين أذكر منهم على سبيل المثال الشيخ عبد العزيز الشريف الذي عرف بتحديه للسلطات الفرنسية والذي ألب أهل سوف على نواب الوالي الفرنسي وأرادها ثورة في منطقة عسكرية
وما ان بدأت الحرب التحريرية الجزائرية حتى كان أهل سوف من المتحمسين لرفع مشعل الثورة ضد الاحتلال الأجنبي وقد سجل أبناؤها أثناء الكفاح وقائع بطولية كانت محل
ا عجاب العدو والصديق واستشهد من رجالها عدد كبير ان يطل ذكرهم هنا فالتاريخ كفيل بحفظ أ سمائهم ضمن صفحاته الذهبية
لذا ان نهتم أهل هذه المنطقة بمآثر علمائهم واحياء ذكرى أبطالهم والاعتناء بتاريخ أرضهم الطيبة وما أسدته العروبة و الاسلام من عمل صالح وكفاح مرير ومقاومة باسلة في سبيل المحافظة علي الشخصية الجزائرية
حدود سوفيحد أرض سوف من جهة الشمال المعبر عنه بالجوف أو الظهرة بسكرة والحوش وسيدي محمد بن موسى والفيض والزرائب والميتة و بودخان
ومن جهة الشرق نقرين وافركان ونفطة و نفزاوة
ومن جهة الجنوب المعبر عنه بالقبلة واحات طرابلس و غدامس وما والاها
ومن جهة الغرب ورقلة وتماسين وتقرت وما أضيف لها من القرى التي تمر عن طريق بسكرة منها اليها
فمن الوادي الذي هو قاعدة سوف الآن الي بسكرة خمس مراحل لسير القوافل المعتاد
والي بودخان ونقرين وأفركان خمس مراحل أيضا والى نفطه أربع مراحل أو أقل
والى واحات غدامس سبع عشرة مرحلة تقريبا
والى ورقلة ست مراحل
والى تقرت ثلاثة مراحل أو أقل
تسمية سوف
كانت ارض سوف في القديم تسمي الظاهرة قال القدماء أنها سميت بذلك لأنها أول قطعة من الأرض ظهرت بعد أرض نفطة حين انحصر عنها ماء الطوفان كما أن أرض نفزاوه ظهر منها جانب في ذلك العهد وهو الي الآن يسمى الظاهر .ثم صارت تسمى ارض سوف قيل لأنها كانت محلا لأهل الصوف لأن كل عابد من أهل التصوف ينقطع للعبادة فيها .
وقيل سميت بذلك لأن أهلها الأولين كانوا يلبسون الصوف من أغنامهم لعدم وجود غيره من المنسوجات عندهم
وقيل كان بها رجل عليم أي صاحب حكمة يسمى ذا السوف فسميت هذه الأرض به و السوف في اللغة معناه العلم والحكمة .
جاء في كتاب تغريبة بنى هلال – قيل أن أهل سوف حين دخلت العرب افريقية دخلوها وسوف التي ذكرها هي المكان المعروف الآن بسوف البصرة بقرب مدينة الشام فلعلهم أتوا الي هذه الأرض فسميت بهم
وقيل سميت بمسوفة فرقة الملثمين أهل اللثام أي النقاب من البرابرة ففي ابن خلدون ما يفيد أنهم مروا بهذه الأرض فلعلهم سكنوها زمنا فعلوا فيها شيئا فسميت بهم
وقال القدماء حين أتى طرود الى هذه النواحي قالوا نسكن تلك السيوف أي الأحقاف والكثبان من الرمل والسيوف جمع سيف أي كثيب من الرمل فحذفت الياء بكثرة الاستعمال وتداول أول ألبسنة العامة عليها مع عدم محافظتهم على أصول الكلمات فصار الذاهب والآتي يقول ذاهب الي سوف
غرس النخيل بسوفكان أهل سوف في الزمن القديم يمتارون التمر من الجريد و نفزآوة وفزان وتملسين ورقلة وتقرت وياتون ببعض الحبوب من الزاب وبعضهم يجعل فدادين بوادي الجردنية وحوله عند تكاثر الأمطار والي الوقت القريب توجد آثار الحرث هناك .
وكان سيدي مسطور قبل انتقاله الى الدار الآخرة يشير عليهم بغرس النخيل ولم يمتثلوا وعند ارتحاله أوصي بنيه بذلك فتماطلوا .
وبعد زمن رأى أحدهم أباه في المنام يحفر قرب زاويتة فسأله عن ذلك فلم يجبه ففهم منه غضبه عنه فتلطف معه حتى أجابه بأنه سيغرس نخيلا .
فاستيقظ الابن مرعوبا من ذلك ثم توجه الي الجريد من حينه وآتى منه بغرسات وكانت الأرض التى قرب الزاوية ثمادها طلوعها قريب فحفر قليلا وغرس الغرسات من غير تعب ولا كلفة في مكان والمعروف الآن بغوط سيدي مسطور .
قيل كان ذلك بواسطة ابنة مسطور بن الهادئ بن مسطور
ثم رآه الناس فاتبعوه وفعلوا كفعله وما زال يتزايد شيئا فشيئا حتى امتد من الوادي الي الجهة الجوفية ثم امتد الى الناحية القبلية حتى وصل عميشا .
ثم ازداد عرضه مشرقا وكان كالخط لا يزيد على غوطين أو ثلاثة من الغرب الي الشرق و أقتفت أثارهم بقية مداشر سوف وما زال يتفرع ويزيد الى زمننا هذا .
قيل كان ابتداء غرس النخيل المذكور في الحدود عام 946 ه/ سنة 1540م لأنهم يذكرون ان ذلك كان بعد قفولهم من الشابى بنحو أربع سنين وكان سيدي الهادي الذي فعل ذلك عمر مائة وثمانية والراجح ان ذلك التاريخ كان زمن الغرس عند عامة الناس و أما الابتداء الحقيقي فكان في زمن سيدي مسطور الأول لا في زمن مسطور بن الهادي المذكور وذلك ان الهادي كان يسافر الي غدامس فلما أحل بها في بعض الأحيان وجد فيها غرسات أتوا بها من فزان فاشترى منها غرستين أو ثلاثا وجاء بها فغرسها ثم أرسل مرة أخرى ابنه مسطورا الي الجريد فأتي له بغرسات من نوع آخر وهذا كله من كلام القداماء كما يقولون أن الفزانية التي سقطت في الأعوام الماضية والفزانية الموجودة الآن هما اللتان آتي بهما الهادي
أقول ألا أن تكون الاثنتان الأوليتان سقطتا منذ زمان وهاتان أخريان استنبتوهما منهما